ما هي الرطوبة؟ وهل هي ضارة أم مفيدة لصحتنا؟
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تبدأ نسبة الرطوبة بالارتفاع في كثير من البلدان والمناطق؛ وهي مقياس لكمية بخار الماء في الهواء المحيط بنا. وكلما ارتفعت نسبة الرطوبة، كلما قل شعورنا بالارتياح، إذ أن الرطوبة تبطىء من عملية تبخر العرق الخارج من أجسامنا، وبالتالي تزيد من شعورنا بالحرارة، بالأخص عندما تزداد الرطوبة النسبية عن نسبة 55 إلى 60%.
تستخدم أجسامنا آلية دفاع للحفاظ على درجة حرارة الجسم، وذلك من خلال التعرق وزيادة التنفس وتغييرات في الدورة الدموية، لكن كون الرطوبة تعيق من عملية التعرق، فإن الجسم يلجأ تلقائياً إلى طرق أخرى للحفاظ على ثبات درجة حرارته. لهذا السبب، قد تلاحظ أنك تتنفس بسرعة أكبر عند ارتفاع حرارة جسمك، كما سيبدأ جسمك بضخ المزيد من الدم إلى الأطراف وضخ كميات أقل إلى الدماغ والأعضاء الداخلية، وهو الأمر الذي يؤدي إلى شعورك بالتعب وضبابية الرؤية. إضافة إلى ذلك، قد تشعر أيضاً بتشنجات في العضلات، وبالأخص في الساقين. في بعض الأحيان، ومع فقدان الجسم للسوائل والأملاح، وعدم تمكنه من الحفاظ على درجة حرارته، قد يصاب الفرد بالإنهاك الحراري أو بأزمة قلبية.
ما ذكرناه سابقاً هو التأثير المباشر للرطوبة على الجسم، لكن ماذا عن التأثيرات غير المباشرة؟
حين تستمر الرطوبة لفترات طويلة، فإن الوضع يزداد سوءاً، حيث تؤدي هذه الرطوبة الزائدة إلى نمو الملوثات التي لها مخاطر كبيرة على الصحة. ينمو العفن في البيئات الرطبة، ويؤدي التعرض له إلى زيادة أعراض الربو والحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، حتى أنه قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حصول التهابات في الجهاز التنفسي. كما أن البكتيريا والفيروسات المسببة للعدوى تتكاثر في الرطوبة، وأيضاً يزداد عث الغبار في هذه الأجواء الرطبة، وجميعهم يؤدون إلى زيادة الأعراض التي تعاني منها. لذ اذا كنت تعاني من الحساسية والربو، فمن الأفضل أن تتجنب الأماكن الرطبة لتجنب تفاقم مشاكلك الصحية.
إن الملوثات العضوية، مثل البكتيريا والعفن وعث الغبار، هي ليست الأشياء الوحيدة التي تزداد سوءاً مع ارتفاع نسبة الرطوبة، حيث تزداد أيضاً نسبة المواد الكيميائية المحمولة في الهواء، والتي تسبب تأثيرات جسدية معاكسة مع ارتفاع الرطوبة. يرتفع تركيز المواد الكيميائية الضارة التي تطلقها مواد البناء اليومية، مثل السجاد ومنتجات الخشب، نتيجة لتفاعل المواد الكيميائية مع بخار الماء. وحتى التعرض منخفض المستوى لهذه المواد الكيميائية يمكن أن يتسبب في تهيج الجلد والعين والحلق، وكذلك أعراض الجهاز التنفسي.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الرطوبة حولك، وكيف تتجنبها؟
بعد أن تعرفنا معاً على مخاطر ارتفاع نسبة الرطوبة وأضرارها على صحتنا، أصبح من الضروري التعرف على الأسباب الكامنة وراء ذلك، واتخاذ الاجراءات التي ستمكننا من التعامل مع هذه المشكلة.
عندما تكون التهوية غير كافية، يؤدي الافتقار إلى الهواء النقي إلى ارتفاع مستويات مسببات كل من الملوثات الكيميائية والعضوية. وللتأكد من وجود تهوية كافية وعدم ارتفاع مستويات الرطوبة، بإمكاننا الاستعانة بمختص لتغيير تصميم أنظمة التدفئة والتبريد ومكيفات الهواء؛ مثل إعادة توجيه أنابيب الهواء. كما وننصحكم بتجنب استخدام مكيفات الهواء الضخمة، إذ أنها تعمل بقوة هائلة وبالتالي لا يتم تشغيلها لفترات طويلة، الأمر الذي لا يمكنها من إزالة الرطوبة من الهواء.
إضافة إلى ذلك، فإن إهمال صيانة مكيفات الهواء له دور كبير في عدم القدرة على التحكم بمستويات الرطوبة في الأماكن الداخلية، لذا عليك التأكد دوماً من تنظيفه وصيانته بشكل مستمر.
قد يكون بإمكاننا التحكم بمستويات الرطوبة في الأماكن الداخلية والمغلقة، إلا أننا لا نستطيع القيام بذلك في الأماكن الخارجية والمفتوحة، لذا ننصحكم بشرب كميات كبيرة من الماء وإبقاء أجسامكم رطبة قدر الإمكان، كما وننصحكم بتجنب البقاء في الخارج لفترات طويلة عندما يكون الطقس حاراً ونسبة الرطوبة مرتفعة.